وقد ذكر بعض العلماء أدلة أخرى من القرآن، من ذلك قوله تبارك وتعالى في قوم نوح عليه السلام: (( مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ))[نوح:25]، عقب على إغراقهم بالإدخال بصيغة الماضي، فوقع عقب إغراقهم الإدخال في النار، وهذا ليس هو العذاب الذي يوعدون به يوم القيامة، بل هو عذاب دون ذلك.
ومن ذلك قوله تعالى: (( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ))[الطور:47]، قال بعض العلماء: هو عذاب القبر؛ لأنه دون عذاب الآخرة. وقال بعضهم: هو عذاب الدنيا أو القتل. فأحد الأقوال هو أن المقصود عذاب القبر.
ومن ذلك قوله تعالى: (( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))[السجدة:21] ذكره بعض العلماء في معرض الاستدلال على عذاب القبر، وهناك نظر في هذا الاستدلال، فقوله تعالى: (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يدل على أن الأظهر أنه عذاب الدنيا.
وكذلك قوله تبارك وتعالى: (( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ))[المؤمنون:100] وليس فيه دلالة.
وكذلك قوله تعالى أيضاً: (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ))[طه:124] قال بعض العلماء: المعيشة الضنك هي عذاب القبر. ثم قال بعد ذلك: (( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))[طه:124]، ولكن الراجح في هذه الآية أن المعيشة الضنك هي ضيق الحياة الدنيا؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر المعيشة والمعايش في الحياة الدنيا، والله أعلم.